حوار مع مجلة المنار
حوار مع ابن بطوطة الجزيرة … الشيخ محمد بن ناصرالعبودي
مجلة المنار- حوار هيثم عبدالنافع الأشقر 1/7/2003م
يعد الرحالة ابن بطوطة واحداً من أهم الشخصيات التاريخية التي أغنت أدب الرحلات ، وقدمت للمكتبة الإسلامية تعريفاً شيقاً وضرورياً عن أحوال المسلمين والإنسان عموماً في البلاد التي زارها ، في جهد لم يستغن عنه الباحثون حتى يومنا هذا.
واليوم بالرغم من تقدم العلوم الاتصالية ، تواجه الداعية والباحث مصاعب جمة في التعرف على أحوال المسلمين وخاصة الأقليات الإسلامية المنتشرة على امتداد المعمورة ، مما يؤثر على وحدة الجسد الإسلامية ، والإحساس بآلام المسلمين التي حضنا الإسلام على تلمسها أيما حض.
فضيلة الشيخ محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي وقف على هذا الهم العام ، وقام بجهد واف لسد هذه الثغرة فقام بزيارة بلاد المسلمين وأماكن وجود الأقليات الإسلامية ، وعندما تجلس إليه تخال أنك أمام ابن بطوطة في حضوره الذهني ودقة الملاحظة وإحساسه المرهف الواعي بآلام المسلمين ، وهو يتعجب أشد التعجب لجهل معظم المسلمين بأحوال إخوانهم ويتألم لذلك كثيراً ، الأمر الذي يفسر كثرة أسفاره وكتبه عن رحلاته في تواصل لأدب الرحلات الذي كاد أن يندثر.
لقد وصلت كتب الشيخ إلى أكثر من (120) كتاباً ، والكتابة ليست كل شيء في تاريخه الدعوي ، وإن كانت كذلك في هذه الأيام ، فلقد كان الشيخ العبودي دوره الوطني والدعوي البارز ، وهذا ما نلقي عليه الضوء في هذا الحوار :
نبذة تعريفية بالشيخ محمد بن ناصر العبودي ؟
ولدت في مدينة (بريدة) عام 1345هـ وتعلمت في كتاتيبها حيث لم يكن يوجد مدارس نظامية ، ثم بدأت أتعلم على المشايخ في المساجد ولله الحمد والشكر كانت المساجد عامرة بحلقات الدروس في سائر الفنون في النحو والفقه والفرائض، وكان أول ما يبدأ الإنسان بالعقيدة حيث يقرأ الأصول الثلاثة ثم الأربعين النووية في الحديث ثم بعد ذلك يتبحر في العلوم كأن يحفظ ألفية ابن مالك وغيرها من المتون ، لقد كنا نجلس عند المشايخ فنقرأ ويناقشوننا فيما نقرأ ، وفي ذلك الوقت كانت مدينتي بريد وعنيزة أول مدينتين تفتح فيهما المدارس الابتدائية ، إذ فتحت مدرسة في بريدة عام 1355هـ وكذلك في عنيزة ولم تفتح أول مدرسة نظامية تابعة للمديرية العامة للمعارف في الرياض إلا في عام 1367هـ أي بعد نحو عشر سنوات.
وبعد أن ينهي الطالب دراسته الابتدائية (الحقيقة ليست ابتدائية وإنما كانت تسمى بالتحضيرية ، لأنه لم تكن الدراسة فيها تزيد على ثلاث سنوات) يأخذه أهله إلى العمل ليساعدهم ، وكان يومها إذا أنهى الثلاث سنوات هذا يكون قد أتقن بعض الكتابة والقراءة وقراءة القرآن .. إلا أني بعد أن أنهيت هذه المرحلة عينت قيم مكتبة جامع بريدة ، وكان يومها الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد قاضي بريدة وما يتبعها من القصيم بمثابة رئيس قضاة القصيم لا يعين أحد إلا بواسطته ، كما كان الملك عبد العزيز رحمه الله يستعين به ويسأله أن يرشح له بعض القضاة الموجودين في منطقة القصيم إلى جانب قضائه في مدينة بريدة ، وكان سلفه الشيخ عمر بن محمد بن سليم رحمه الله قاضي بريدة من أسرة السليم التي استمرت في العلم والتدريس أكثر من قرن.
وكان راتبي (40) ريالاً ، وكان مع راتب الطلبة (12) ريالاً في الشهر ، فأصبح راتبي (52) ريالاً فتفرغت لطلب العلم ، ثم بعد سنوات عينت مديراً لمدرسة المنصورية التابعة لوزارة المعارف براتب جيد وبقيت فيها خمس سنوات ، ثم عينت في وظيفة مدير المعهد العلمي في بريدة وكان ثاني معهد ينشأ في المملكة العربية السعودية بعد معهد الرياض العلمي ، وكانت وظيفة مدير تعد يومها وظيفة مرموقة.
وبعد ذلك تم افتتاح الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ، وعملت فيها لمدة ثلاث عشرة سنة في وظيفة الأمين العام للجامعة الإسلامية ، وكان الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله نائب الرئيس على (رتبة وكيل وزارة) وكانت تسمى المرتبة الأولى في ذلك الوقت ، وبعدها كانت مرتبتي الوظيفية ، وبعد ذلك رفعت إلى وظيفة وكيل الجامعة.
ثم نقلت إلى وظيفة أكبر من ناحية المرتبة وهي وظيفة (الأمين العام للدعوة الإسلامية) و (أمين الهيئة العليا) في المرتبة الخامسة عشرة وهي مرتبة (وكيل وزارة) فانتقلت إلى الرياض حيث المقر واشتغلت فيها سبع سنوات ، كما كنت الأمين العام للهيئة العليا وهي مؤلفة من خمسة وزراء يترأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وفقه الله ، ثم نقلت إلى رابطة العالم الإسلامي في وظيفة (الأمين العام المساعد).
من هم أبرز المفكرين والكتاب الذين تأثرت بهم ؟
المفكرين والكتاب كانوا قلة في ذلك الوقت أيام الصبا والشباب ، كما كانت الصحف محدودة الانتشار جداً وتقتصر على جريدتي المدينة والبلاد ومجلة المنهل ، أما إذا سألتموني عن العلماء والقضاة فأذكر منهم الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله والشيخ عمر بن محمد بن سليم قاضى منطقة القصيم وكذلك شيخنا صاحب الفضل الكبير علي بعد الله سبحانه وتعالى في توجيهي وتعليمي الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد فقد كان الشيخ عبد الله يصطحبني معه إذا سافر بطلب من الملك عبد العزيز أو ذهب في مهمة ، وحين أمره الملك عبد العزيز بأن يذهب إلى الحجاز ويأخذ معه مساعدين من المشايخ فأخذ ثلاثة وكنت أحدهم ، وهناك من المفكرين والكتاب الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين رحمه الله الذي انتقل من بريدة إلى مكة المكرمة ثم عمل مستشاراً في وزارة الحج والأوقاف ونشر عدة مقالات في جريدة البلاد وله عدة كتب ، وأستاذنا الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سليم ، وهناك مفكرون كثير تأثرت بهم ، ولكن الكتاب والصحفيين ليسوا كثراً.
كيف يقضي الشيخ محمد بن ناصر العبودي يومه ؟
برنامجي اليومي في الوقت الحاضر يختلف عما كان عليه في الماضي لأنني أعمل في التأليف ، وقد طبعت حتى الآن مائة وثمانية وعشرين كتاباً ولدي الآن ما يزيد على مائة كتاب من الكتب المخطوطة التي تنتظر الطبع بعضها في مجلدات كبيرة ، وهذا العمل يستنفذ كل وقتي ، لذلك ليس عندي وقت لغير الكتابة وأداء الصلاة في الحرم فقد استأجرت شقة في عمائر أوقاف الشريف غالب المطلة على الحرم المكي الشريف : لقربها من المسجد الحرام توفيراً للوقت في طريق الذهاب إلى الصلاة.
حول ماذا تدور مؤلفات فضيلتكم ؟
بعضها حول الرحلات الدعوية التي كانت أقوم بها وقد طبعت منها حتى الآن مائة وأربعة كتب ، وبقي منها نحو ستين كتاباً تنتظر الطبع لأنها جاهزة.
ولكن للحياة متطلبات وإخوانكم ومحبوكم كثر؟
نعم الإخوة يطلبون مني محاضرات وبخاصة للطلاب وللشباب وأحياناً أوافق مضطراً لأنني لا أستطيع أن أعتذر ، ولكن اضطر أحياناً للاعتذار لأن هذا يأخذ علي وقتاً ، خاصة وإنني لا أحب أن أكتب محاضراتي التي سألقيها إلا إن كثيراً من الإخوة يطلبون مني أن أكتبها فإذا كتبتها استغرقت مني وقتاً ليس من السهل علي أن أضحي به.
من خلال تجوالكم في أطراف العالم الإسلامي والعالم عموماً كيف ترى واجب المسلمين تجاه إخوانهم الضعفاء ؟
على كل مسلم أن ينصر أخاه فقد ورد في الحديث ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، قالوا : يا رسول الله أنصره مظلوماً ، فكيف أنصره ظالماً ؟ قال : ترده عن الظلم وتمنعه منه) فالمسلمون إذن مطالبون بمساعدة إخوانهم ، ونحن نعرف أن المسلمين مر عليهم عهد طويل من التفرق والجهل بأحوال المسلمين. أعرف بعض المفكرين كتبوا إلي وقالوا : هل يوجد في البرازيل مسلمون ؟
سبحان الله ، كيف لا يوجد في البرازيل مسلمون وفيها مساجد وجمعيات وأكثر من مليون مسلم ، وفي البرازيل يضيع الكثير من أبناء المسلمين لأن أهلهم من المهاجرين الأولين تزوجوا بنصرانيات وبناتهم تزوجن بنصارى ، وهذا لا يجوز ولكن ليس عندهم فقه في الدين ، وليس عندهم من يفقههم في دينهم ، لقد قال لي أحدهم : ليس هنالك إمكانية للزواج بمسلمين لأن عددهم قليل.
وشخص آخر سألني قائلاً : أنت جئت من رحلتك من جنوب أفريقيا هل يوجد هناك مساجد؟ فقلت : سبحان الله هذه مدينة (كيب تاون) فيها حي واحد فيه ثلاثة عشر مسجداً.
كيف تجد مشاعر المسلمين تجاه إخوانهم ؟
المشاعر الإسلامية تجاه المسلمين موجودة ولكن العمل ليس بقدر المشاعر ، فالمسلمون لم يعملوا كل ما يستطيعون وهناك جهات كبيرة في بلادنا ولله الحمد تعمل لخدمة المسلمين ، وهذه الخدمة تتجلى في أماكن عديدة منها الزيارة العظيمة للحرمين الشريفين هذه لا يستهان بها لأنها فرصة لخدمة المسلمين فالمسلم الحاج أو المعتمر الذي يأتي من أقاصي الأرض يريد أن يصلي في بيت الله الحرام أو المسجد النبوي كان في وقت من الأوقات لا يستطيع أن يحصل حتى على مكان للصلاة ، إنه شيء يدعو للألم ، والحمد لله وفق الله قادة هذه البلاد فأجروا التوسعات العظيمة في الحرمين الشريفين خدمة المسلمين.
وكذلك أمرت الدولة بإنشاء الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة بقصد توفير الدراسة الإسلامية لأبناء المسلمين من غير السعوديين لأن السعوديين لديهم كليات وجامعات في الرياض ومكة والقصيم وأبها.
من خلال كلامكم ألا نستطيع أن نفعّل السياحة الإسلامية بحيث يكون هناك توجيه حتى يكون الهدف منها دعوياً ؟
كلامكم هذا جيد وهو فكرة جيدة. وبالنسبة لي أنا لم أذهب قط للسياحة ، كان قصدي دائماً العمل الإسلامي ، وكنت أحضر اجتماعات المسلمين ، أو أحضر مؤتمرات ، أو أتعرف على أحوال المسلمين في بلد ما أصابته مصاعب ، وكذلك كنا نسمع عن بعض البلاد التي يتسع فيها العمل الإسلامي فنذهب لتشجيع الخير والدعوة ، لم نكن نذهب للسياحة ولكن في أثناء العمل كنت أكتب على هامش العمل كتباً مظهرها سياحي أو من أدب الرحلات ، وأعتقد أنكم تسألون عن عموم المسلمين الذين يذهبون للسياحة ؟
نعم أريد أن أعرف رأي فضيلتكم بتأسيس هيئة لاستثمار سياحة المسلمين ؟
نعم. أنتم تسألون عن استثمار السياحة التي يقوم بها المسلمين للدعوة إلى الله. وهذا هو الذي ينبغي وكلامكم في محله ، ولا ينقص هذا من متعة السائح المسلم بل أحياناً يزيده عمل الخير متعة.
لماذا ؟ لأن الذهاب للمسلمين والبحث عنهم في القرى النائية عمل مجهد وجميل والمسلمون يستحقون أن يذهب الإنسان إليهم سائحاً حتى إذا لم يكن عاملاً في الدعوة ، فالزيارة دليل محبة وللمتحابين في الله أجر عظيم ، ومن المؤسف والغريب حقاً أن تجد الأوروبيين يحرصون على زيارة المسلمين وغير المسلمين ، وهذا أمر معروف منهم منذ عهد الاستكشاف التنصيري ، ثم الاستعمار ، بينما لا يأتي للأقليات المسلمة أحد من السياح المسلمين لأن أكثر السياح المسلمين يذهبون إلى البلاد التي تؤمن لهم الراحة والطعام الذي يعجبهم ، وهذا خطأ لأن السياحة القصد منها المعرفة (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين).
فالله سبحانه وتعالى قال: (قل سيروا في الأرض) وفي آية أخرى (أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) فعلى المرء أن يجعل جزءاً من سياحته عملاً الله.
نريد من كل مسلم أن يشعر بأنه جزء من هذا العالم الإسلامي الكبير.
هل تعتقد أن التوعية التاريخية مهمة ؟ وبماذا توجه القراء في هذا الصدد ؟
لا شك أنها مهمة لأننا نرى أن القرآن الكريم يقص علينا قصص الأمم الماضية والأنبياء وقصص الدعوة ، وما كان ذلك إلا للتأسي والقدوة وأخذ العبرة والحث على قراءة التاريخ ، إلا أنه ليس بمستطاع كل مسلم أن يقرأ كل التاريخ لأن التاريخ واسع وطويل ، فيجب عليه أن يتثقف بالثقافة الإسلامية التي منها جزء من التاريخ ، وحبذا لو انتدب طائفة من المسلمين لدراسة التاريخ وخاصة الوقائع الفاصلة المهمة في التاريخ الإسلامي وترجمتها إلى لغات المسلمين في أنحاء العالم.
وأرى أيضاً أن نقوم بترجمة سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ومن المفاصل التاريخية المهمة التي يجب الاطلاع عليها الموقف الحازم لأبي بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبه حافظ على الأمة والدولة الإسلامية من الانهيار ، كما أكد هيبة الدولة وحكم الله عندما واجه مانعي الزكاة والمرتدين فأعادهم إلى الصواب.
يقولون إن الإسلام انتشر بالسيف ، هل لاحظت أثر ذلك أثناء رحلاتكم الدعوية ؟
أبداً ، ومن الغريب والعجيب أن الدول الإسلامية الآن غير مؤثرة على الميدان الدولي ، ومع ذلك نجد الإسلام ينتشر في أمريكا وأوروبا وأصبح عدد المسلمين الجدد بالملايين رغم ضعف المسلمين في دولهم وقلة حيلتهم وافتقارهم للإعلام القوي مما يدحض قول البعض بأن الإسلام ينتشر في إفريقيا فقط لأن أهلها على الفطرة فها هو ينتشر في أوروبا وفي بلجيكا ، وأنا شخصياً ذهبت إليها ووجدت في حي من أحياء بروكسل (عاصمة السوق الأوروبية المشتركة في السابق) و (عاصمة الاتحاد الأوربي) ثمانية عشر مسجداً كان افتتاح أولها عام 1974م ، كما وصل عدد المسلمين في أمريكا لوحدها خمسة ملايين مسلم كلهم يتجهون إلى مكة لأداء صلاتهم والمسلمون يقولون : إن عددهم أكثر من ذلك وأنه يقارب الثمانية ملايين ، وفي ذلك رد على الذين يقولون : إن الإسلام انتشر بالسيف فأي سيف للإسلام الآن سواء في أوروبا أو أمريكا ؟ فالإسلام انتشر سابقاً بالإقناع والحجة ، وينتشر الآن بالإقناع أيضاً ، وكلنا نعرف أن الإسلام في تقدم مستمر في كل البلاد المتقدمة.
أما إذا كانوا يريدون بالسيف ما كان من حروب بين الدول الإسلامية والدول الأخرى فهذا ليس خاصاً بالمسلمين ، بل هو بين النصارى بعضهم ضد بعض أكثر، وأكبر شاهد على ذلك الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
هل تعتقد أن المسلمين يفهمون الغرب والآخرين بشكل جيد بما يدعم إقرارهم بقضايا الولاء والبراء ؟
مسألة الولاء والبراء فهمها بعض إخواننا فهماً غير صحيح فبضعهم يعتقد بأن مجرد السفر لبلاد الغرب يعني موالاتهم ، ونحن نقول : هذا غير صحيح ، فنحن نذهب إلى بلادهم وهم يأتون إلى بلادنا ولا يوالوننا لأن الموالاة غير الملاقاة ، بل ينبغي للمسلم أن يذهب إلى بلاد الأمم الأخرى ليكون قدوة لهم يقدم لهم النموذج المثالي والعملي للإسلام ، ولعل الله يجري على يديه الخير فيدخل منهم أناس في الإسلام ، والمطلوب من المسلمين أن يعرفوا الآخرين لأن الله تعالى قال : (ولقد كرمنا بني آدم) وهذه تشمل الكافر والمسلم على حد سواء فليس من الولاء أن لا تذهب للدعوة إلى الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) فنية الدعوة إلى الله في بلاد الكفار والصبر على ذلك وتصبير الناس فيه أجر عظيم ، ولكن ينبغي للمرء أن لا ينساق إلى ما انساق إليه بعض الضعفاء في دينهم.
من خلال تجوالكم الدائم بالعالم الإسلامي إلى ماذا تعزون سبب تخلف المسلمين عن ركب الحضارة وقيادة العالم ؟
لا شك أن السبب يرجع إلى أمرين : أولهما عدم الأخذ بما أمر به الله ورسوله لأن الله سبحانه وتعالى أمرهم بالاستعداد للحرب وأمرهم بأن يأخذوا أهبتهم بالأسباب المادية الظاهرة للنصر ، ثم بعد ذلك يتوجهون إلى رب العالمين ليطلبوا منه النصر.
بالإضافة إلى أن كثيراً من المسلمين لم يأخذوا بأسباب النصر لذلك تخلفوا عن الكفار في الأمور المادية وحتى في المعاملات والأخلاق ، نجد أن العدل موجود في بعض دول أوروبا أكثر من العدل في بعض بلاد المسلمين والسبب في ذلك أن المسلمين انصرفوا عما أمرهم به الله ورسوله مع أن في الإسلام جميع الأسباب التي تكفل سعادة الإنسان في الدارين وعلى رأسها العدل والأمن والمعاملة بالحسنى.
من خلال خبرتكم في الدعوة ، كيف تجدون مستقبل المسلمين ؟
المستقبل بيد الله ولكن نستطيع أن نتوقع المستقبل بين الحاضر والماضي فإذا فهمنا ذلك أمكننا أن نتحدث عن المستقبل قياساً على الماضي والحاضر ، ولعل من المبشرات مقارنة بسيطة بين أوضاع المسلمين والأقليات المسلمة قبل (50) سنة والآن فنجد أننا ولله الحمد في تقدم مضطرد فكثير من البلاد لم يكن بها ولا مسلم واحد وأصبحت الآن تعج بالمسلمين والمساجد وارتفع بها نداء (الله أكبر).
وبناء عليه يمكن أن نقول بأن المستقبل واعد ؛ ولكن مما يدعو للقلق أن نرى المسلمين على هذه الحالة من الضعف المادي لا يستطيعون أن يجاروا الآخرين مما أغرا بنا اليهود وجعلهم ينتصرون علينا وهم قلة قليلة ، والسبب في ذلك أن المسلمين لم يأخذوا بأسباب القوة التي أخذ بها اليهود.
هل لكم أن ترسلوا للمسلمين عبر (المنار) بعض النصائح ؟
النصائح كثيرة ولكن أعتقد أن الأهم هو أن يشعر كل مسلم بأنه جزء من هذا العالم الإسلامي الكبير وأن يشعر بأن عليه واجباً تجاه إخوانه المسلمين وعليه محاسبة نفسه يومياً هل قدم نفعاً للمسلمين أم لا ؟
وبطبيعة الحال تختلف قدرات الناس وإمكاناتهم سواء القدرة الذهنية أو العلمية أو المالية ، فالذي لا يملك العالم يساهم بالدعاء أو الجهد وهكذا ، والحمد لله أن يسر للمسلمين عمل الخير عبر الجمعيات والهيئات الخيرية الكثيرة المنتشرة في بلادنا مثل رابطة العالم الإسلامي ، والندوة العالمية للشباب الإسلامي ، ومؤسسة الوقف الإسلامي. وغيرها كثير.
ولقد أصبح لهذه المنظمات قدرة كبيرة على العمل بحكم الخبرة والممارسة الأمر الذي يزيد من فاعليتها وفاعلية الزكوات أو الصدقات المقدمة للمسلمين.
هل تعتقد أن المؤسسات الإسلامية الإغاثية تقوم بالدور المطلوب ؟
لا يمكن أن نقول إنها قامت بالدور المطلوب كله ، لأن الدور المطلوب كبير وعظيم ولكن نقول : إنها قامت بعمل جيد وأنها في الطريق إن شاء الله لأن تقدم الأفضل، وهذا أول الطريق وأهم مراحله فقبل (30) سنة لم يكن هناك ولا هيئة خيرية واحدة خاصة بتقديم الإعلانات للمسلمين خارج بلادنا فوجودها الآن بهذا الشكل وقيامها بالعمل يدل على أن المستقبل الخيري أفضل إن شاء الله.
لاحظت خلال قراءتي لكتبكم أن هناك أموراً كثيرة عن أحوال المسلمين يجهلها معظم المسلمين ، هل تعتقد أن إيجاد مركز معلومات لبث أخبار المسلمين والتعريف بهم يساعد على حل هذا الإشكال ؟
هذا عمل طيب ولكن هناك جهات حكومية وشعبية لديها القدرة الفنية والمالية على تأمين هذه الخدمة للمسلمين ولا يمكن لمركز المعلومات أن يستغني عنها.
من خلال رحلاتكم الكثيرة. ما هو أكثر شيء لفت انتباهكم ؟
أعظم شيء لفت انتباهي هو أننا نجهل أشياء كثيرة عن أحوال المسلمين ولا نعرف عن المسلمين وبخاصة في البلاد البعيدة كل ما ينبغي أن نعرفه ولا نعرف ظروفهم وخصوصيتهم ولا نعرف كيفية مساعدتهم وهذا شيء لا بد من معالجته.